إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَىٰ وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا ۚ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا ﴿٢٦﴾
حين انطلق المسلمون قاصدين مكة لأداء العمرة، ورغم أن الكفار والمشركين كانوا يعتبرون الحج جزءًا من سنن إبراهيم، بل وكانوا يعدّون أنفسهم حُماتها، فقد اضطروا إلى صدّ المسلمين عن سبيلهم، حتى أنهم خالفوا أسسهم التي يدّعونها.
⬅️ وهنا، يبيّن الله تعالى علّة هذا الصدّ فيقول: «إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ». لقد نبع هذا الموقف من حميّة جاهلية استقرت في قلوبهم. فالحميّة قد تكون غيرة دينية صحيحة يستخدمها الإنسان للدفاع عن القيم العقلانية والحق، وقد تكون حميّة باطلة ودنيوية.
⬅️ وفي المقابل، يذكر الله تعالى أمرين عظيمين وهبهما للمؤمنين:
1️⃣ أولًا: «فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ» على المؤمنين. أنزل عليهم الطمأنينة في مواجهة تلك الحميّة الجاهلية التي أثارت في نفوس أصحابها القلق والاضطراب والهيجان.
2️⃣ ثانيًا: «وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى». لقد جعل الله كلمة التقوى ملازمة لهم؛ فإن كانوا قبل هذه الحادثة تارةً يلتزمون بالتقوى وتارةً يبتعدون عنها، فقد ترسّخت التقوى في وجودهم من بعدها. فبسبب رضاهم وتسليمهم لأمر النبي ﷺ في صلح الحديبية والنتيجة التي تحققت، كافأهم الله بهذا الإلزام المبارك: «أَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى».